مشاركة :

| كلمة حرة
Logo

الإفتاء بين الهيمنة والمرجعية

نحمل رأينا بقوة وحتى النفس الأخير .

الكثير من حكومات الأرض منذ نشأت البشرية فاسدة ، وتبعاً لذلك فأكثر أجهزة القضاء والشرطة والأمن بل الطب والإعلام والتعليم قد تكون فاسدة تَبَعاً لذلك .

هل نلغي دور الحكومات بالكلية ودور القضاء والشرطة والأمن والطب والإعلام والتعليم أم نسعى لأجهزة أمينة نظيفة ؟ وهل يحطم ذات المفهوم مجتمع عاقل أو عقلٌ راشد.

شهدت فترة الوحدة مع مصر بدايات الهيمنة على الفتوى والقضاء في سورية ممثلين بسماحة المفتي الدكتور أبو اليسر عابدين ( طبيب ) وسماحة القاضي الشرعي الأول عبد المحسن الإسطواني والذين صدا غارات الدولة لا عليهما فقط كأشخاص بل على استقلال الموقع الذي يمثلانه .

حاول النظام ابتلاع المرجعيات الدينية والاسلامية بالخصوص منذ نصف قرن وحاول إماتتها لكنه لم يستطع لالتفاف الناس حولها أو لقوة حملتها من الدكتور أبي اليسر عابدين أو الشيخ حسن حبنكة ( المفتي بلا منصب ) والشيخ أحمد كفتارو ( مهما كان رأي البعض فيه ) والدكتور سعيد رمضان ( والذي كانت له قوة شعبية طاغية رغم كل الملاحظات السلبية على نظره السياسي ) ووصولاً إلى الدكتور إبراهيم السلقيني مفتي حلب ... 

المفتي المعزول لم يختره أحد وإنما عيّن بقرار حكومي بعثي أمني ، وبقي الموقع ساحة تنازع شخصي بين وزير الاوقاف والمفتي المزور .

تعيين مفتٍ ليس بدعة كما يظن المتفهمنون فقد كان هناك مفتون من الصحابة كابن عمر وابن عباس وكان الرجوع إلى أئمة كل اختصاص فالأقضى علي والأقرأ أبي والأعلم بالحلال والحرام معاذ بن جبل رضي الله عنهم جميعاً .

اختيار المفتي لاحقاً كان مناطاً بثقة الناس واعتماد العلماء وفي العصر الحديث باختيار كبار علماء الشريعة ، ثم صار الأمر تعيينا من رئيس الدولة ثم رئيس الوزراء ثم وزير الأوقاف ، وإذا بقيت الحالة الهمجية الحالية فسيكون من صلاحيات ضابط أمن ذي نجمة واحدة.

حافظ القاضي الشرعي والمفتي تاريخياً على مصالح الناس ليس الشرعية فقط بل الإنسانية بدءاً من الإمام الاوزاعي الذي رفض قرار الوالي باجتثاث المسيحيين في جبال لبنان بحجة تأمرهم مع الروم طالبا منه معاقبة المسيء الذي يثبت عدوانه ومروراً بالمفتي الحمزاوي الذي فتح مع الأمير عبد القادر الجزائري بيتيهما في طوشة ١٨٦٠ لحماية الناس ومروراً بالشيخ حسن حبنكة ومقال جيش الشعب اللئيم ووصولاً إلى الدكتور السلقيني وشيخ القراء العلامة كريم راجح أحد قادة الثورة حقيقة وموجهيها والشيخ أسامة الرفاعي الذي تعرض للضرب في دمشق ودافع عن عشرات المظلومين وصد بالعديد من مواقفه تغول الاجهزة على الناس ، فضلاً عن الفتاوى العادية التي تلزم الناس كل يوم ، وكل من له احتكاك بأهل الفتوى يعلم أنهم قد منعوا وقوع الآف جرائم القتل وسلب الأموال وأكل الحقوق وتقاطع الارحام وانتشار الكراهية والتباغض بين الناس .

كل أولئك مفتون بانتخاب أو موقع رسمي أو تنصيب علمي واجتماعي فالمفتي موقع يحترمه الناس ويرجعون إليه لا بسبب تعيين الدولة لصاحبه بل لأن صاحبه يحتل الموقع بأهليته ويلزمه إطار إداري وفني يسهل عمله مع الناس ومع الاجهزة التشريعية والتنفيذية في الدولة.

المفتي والقاضي والمرجع الشرعي تسرق وظيفته يوماً بعد يوم وهناك من يزهو فرحاً من كاره للإسلام كله ، ومن مسلم مرتب مهذب مشذب مع كل أفكار العالم لكنه متوحش مع هويته ودينه يريد إعطاء براهين كل يوم أنه متبرئ منها وخصوصاً  إن كانت مجمعات الاديان العالمية ودرجات الرضا التغريبي تغازله ومواقع مراكز الابحاث وندوات التسامح ونوادي العري الفكري تقدم له العضوية الذهبية فيها فيبيع كل شىء كرمى لها ولا يخرج عضلاته إلا على قومه وأهله ، وهناك مثقفون لايعلمون ضرورة بعض الأمور للمجتمعات ويعيشون بين كتب تنظيرية في كواكب أخرى فيستغربون من تحسر الناس على تحطيم موقع الإفتاء وهناك حاقدون وشامتون وخصوم وأعداء ومهرجون لايكفون عن التنكيت السمج الثقيل ..

من مصلحة الفاتيكان أن تكون له سفارات أو ممثليات في كل العالم للعناية برعيته وهذا من قوته وكذلك الدالاي لاما والبوذيون والهندوس واليهود وهذا حقهم .. والاسلاميون المتغربون يتبولون في ثيابهم اذا تم التعرض لأحدها من خجلهم وأناقتهم ولطفهم غير المحدود (جيد أن لدينا لطفاء هكذا .. ) فليس عملاً محموداً التعرض لأحد .. إلا مايمت للإسلام بصلة فيجب حته ونتفه والعمل على ذوبانه ..

ابتسم متألماً ممن يجمع شواهد سلبية عن افتاءات سلبية منذ مئات السنين مختالاً فخوراً وليس عنده رصيد معرفي عن حادثة إيجابية واحدة .

علل الانكسار النفسي والاستلاب في العقل الباطن منطقها مايلي :

ليس دفاعاً عن منصب المفتي 

ليس دفاعاً عن المجلس الإسلامي 

ليس دفاعاً عن العلماء 

ليس دفاعاً عن الازهر الشريف

ليس دفاعاً عن رابطة العالم الاسلامي 

ومن نفس المنطق :

ليس دفاعاً عن الثورة ..

ليس دفاعاً عن القائد ..  

ليس دفاعاً عن المواقف ..

ماهو إذاً إلا الانكسار والانبهار والذوبان والتضعضع النفسي والانهزام على كل صعيد .. 

الذي نتبناه نجهر به ونكره الضبابية وأنصاف المواقف ، وموقع الافتاء مسروق منا ونريده بحقه وقوته المرجعية وعندما تصادره الحكومات فلن نتخلى عنه وهو موجود اجتماعياً وأقوى من الحكومات كلها وحقنا لن نتركه وحتى النفس الأخير .

Logo

حركة سورية الأم - الموقع الرسمي
للتواصل معنا : info@omsyrm.com

حركة سورية الأم حركة وطنية مجتمعية ذات تأثير سياسي ، وتوجه نابع من الفكر السوري الوسطي ، تسعى لإنقاذ سورية وبنائها ، وتعزيز الحاضنة الوطنية ، وهدم الاستبداد ، و تعبر عن طموح الشعب السوري في بناء دولة المواطنة وسيادة القانون ، وتحقيق آماله في الحرية والكرامة . تؤمن الحركة بأن سورية كنز إنساني ، وأن الشعب السوري شعب حي عريق وله دور حضاري تجديدي وفريد.

© Copyright 2024 Our Mother Syria Movement , All rights reserved.